يلتقي بوالدته بعد فراق دام 17عاماً!

كالعادة
وكما في كل مرة عندما يتلقى (أحمد) اتصالاً لعله يدله على خيط امل يوصله
إلى والدته التي لايذكر منها سوى اسمها فقد تركته واخاه وهما في سن
الطفولة أحمد في عامه السادس ومحمد في الخامسة من العمر بسبب خلافات مع
والدهم.. رتب حقيبة سفره وتوجه للمطار بعدما طلبت السفارة السعودية في مصر
حضوره اثر برقية وصلته.
توقع بل تأكد ان هذه المرة كسابقتها بحث وعناء بدون نتيجة
توجه أحمد من مطار الملك عبدالعزيز الدولي بجدة إلى مطار القاهرة بخطى
متثاقلة بعد ان كان غير آبه بذهابه قد صعد إلى الطائرة من قائمة الانتظار
بدات الأحداث وكأن تواجده هذه المرة مهم.

اقلعت الطائرة إلى مصر واحمد يحمل خليطاً من المشاعر
المتدفقة إلى مقابلة امه حيث كان شيء ما في داخله يؤكد له ان هذه المرة
مختلفة عن سابقتها وفي ظل تفكيره المتواصل في هذا الأمل تزداد دقات وخفقان
قلبه وما ان حطت الطائرة على ارض المطار والحديث لأحمد كما ذكر وروى قصته
قائلاً: ان موظف السفارة كان في انتظاره في صالة الوصول بعد ذلك انطلقنا
إلى الفندق لأخذ قسط من الراحة بعد عناء السفر لكن موظف السفارة فاجأه
بتغيير مسار الطريق إلى مكان اخر.. اتجه به إلى شارع الجامعة العربية ثم
استمروا في السير إلى ازقة جانبية وكلما اقتربوا من منزل زاد تعجب الشاب
أحمد فسال الموظف المرافق من السفارة الي اين نتجه ليجيبه الموظف مباشرة
ألا تريد ان ترى امك!!!

أجاب أحمد في ذهول بلى ولكن.. رد موظف السفارة لكن ماذا..
امك الآن اقرب اليك من أي وقت مضى ابتسم أحمد وقد علت على وجهه أسئلة
كثيرة هل سأجدها ام ككل مرة بحث وعناء بدون فائدة لكن شيئاً يردد عليه ان
امه الغالية تستحق اكثر من ذلك تستحق العطف و الحنان ويأمل في ان يعوضها
عن حرمانها منه ومن اخيه.

يقول أحمد سلكنا طريقاً تلو اخر وشارعاً بعد شارع إلى ان
وصلنا إلى العمارة المطلوبة صعدت وقد تثاقلت خطواتي ودب خوف في نفسي ماذا
لو انها امي. التي ابحث عنها منذ ان كنت طفلاً؟!!

يقول أحمد تقدم محمد موظف السفارة وطرق الباب ومعه شئ طرق في داخلي وهز وجداني وحنيني لأمي ولحضنها الدافي الذي حرمت منه.

فتحت الباب سيدة في منتصف العمر وسألت من تريدان احسست
وقتها برابط قوي شدني اليها قاطعه رد مرافقي قائلاً اين "السيدة ن ش م"
اجابت انها بالداخل لاتستطيع الحراك لأنها متعبة ومريضة.

طلب موظف السفارة رؤيتها فاصطحبتنا السيدة إلى غرفتها في
المنزل المتهالك دخلنا الغرفة وكانت مظلمة وما أن أضاءت الأنوار حتى شاهدت
سيدة كبيرة في السن قد انهكتها السنين واعجزها المرض وتصاريف الدهر.

لكنها قامت متثاقلة وتسألت من انتم اجابها محمد من السفارة
انه حضر اليها اكثر من مرة للسؤال عنها ومعرفة ما اذا كانت هي السيدة
التي ابحث عنها ردت عليه انت موظف السفارة لكن من معك تحدثت وكانها تعرفني
فصاحت السيدة الأخرى هذا ابنك يا امي نظرت الي اكثرمن مرة وانهمرتت
دموعها واقبلت بلهفة الأم وعاطفتها الصادقة واحساسها الذي لايكذب انت أحمد
ولدي نعم انت هو فأنت تشبه اباك تماماً انا اعرفك منذ تركتك وعمرك (6)
سنوات ضمته إلى صدرها وكأن سنين العمر الماضية مرت على عجل.

قال أحمد كنت ابحث عنك طوال الأعوام الفائتة وقد تعبت من
كثرة البحث لكن اليأس لم يدخل إلى نفسي رغم بذل الجهد والمال ولكن في كل
مرة يتجدد الأمل لدي لعلي في نهاية الطريق أجدك اواعرف عنك شيئاً حتى
تطمئن نفسي عليك..

التفت الأم إلى السيدة الأخرى حيث المفأجاة الثانية قالت
الأم هذه اختك يا ابني ارتسمت الدهشة على وجه أحمد فالسيدة تبلغ من العمر
(32) عاماً وهي تكبره ولديها اربعة اطفال وهو لايعرف ان له اختاً كبرى
اجابته والدته انها الكبرى فقد توفي والدها قبل ان أتزوج من أبيك.

كانت فرحة أحمد كبيرة فقد وجد اماً واختاً في آن واحد فقد عوضه الله خيراً.

بدات الوالدة في معاتبته وأخيه اين هما ولماذا لم يبحثا
عنها إلى اليوم وقامت باخراج صور أحمد ومحمد من الادراج شاهد أحمد الصور
حيث كانت تحتفظ بهذه الصور منذ ان كانوا اطفالا حيث ذهبت كما تقول إلى
المملكة بصحبة طفليها من اجل اداء العمرة وكانت فرحتها لا توصف ومن ثم
الاستقرار في منطقة جازان مع والدهما لكن ذلك لم يدم اكثر من ثلاثة اشهر
حيث دبت خلافات على اثرها افترقا واحتفظ الأب بالأطفال وعادت هي إلى مصر.

تحكي والدة أحمد القصة وتقول انقطعت اخبار طفلي منذ ذلك
الوقت ولم اسمع عنهما شيء، التفت ام أحمد وقالت لأبنها هل ترى الصورتين
اللتين بالصالون قال نعم اشاهدها قالت وقد تذكرت ليالي الألم انني في كل
ليلة اصلي وادعو الله ان اراكم قبل ان اموت وسقطت من عينيها الغاليتين
دمعتي لوعة قال أحمد اطال الله عمرك ياامي ومتعك بالصحة والعافية،

نظر أحمد إلى امه وامسك بيدها وقبلها وقال لها امي انني
محروم من حنانك لم تتمالك نفسها حيث انها لم تتوقع ان تراهما ابدا ماهي
إلا لحظات وتقع الأم ارضاً فقد اغمى عليها من الموقف.

وعلى الفور نقلت إلى المستشفى وتلقت العلاج اللازم وغادرت في الصباح التالي عائدة إلى منزلها.

وبعد ان اخذ أحمد قسطاً من الراحة اتجه إلى السفارة
السعودية لتصحيح وضع والدته حيث تم فتح حساب بنكي خاص بها ووضعت السفارة
فيه مبلغاً من المال ليساعدها على امور الحياة حيث انها كانت تعمل رغم كبر
سنها لتؤمن لقمة العيش لنفسها وقيمة الدواء.

بدأ أحمد سعيداً وهويرعى امه المسكينة ويسعى ليعوضها عن الحرمان الذي عاشته وقام بتسديد ديونها المتراكمة عليها.